الجمعة، 7 يناير 2011
جاء السيد المسيح ينشر الحب
أهنئكم يا أخوتي جميعا بميلاد السيد المسيح له المجد, فميلاده هو بدء خير للبشرية جميعا. لست أهنيء المسيحيين وحدهم, بل أهنئي المصريين جميعا, مسلمين ومسيحيين, شاكرا الرئيس محمد حسني مبارك
الذي أمر بأن يكون عيد الميلاد عيدا وطنيا لمصر كلها. إن احتفال المسيحيين ينبغي أن يرتفع بكل المقاييس فوق الأحزان, لأنه لولا ميلاد المسيح, ما كنا نحن مسيحيين, وما كانت لنا الكنائس المسيحية والأعياد المسيحية, والعقائد المسيحية, وعلينا أن نتبع التعاليم التي نادي بها المسيح.
وأول هذه كلها: أن السيد المسيح جاء ينشر الحب, وما أعمق قول أحمد شوقي أمير الشعراء: ولد الحب يوم مولد عيسي...
نعم, انه حتي السيد المسيح نفسه, كان حبا يتحرك في كل موضع مع جميع الناس. كل من التقي به, نال شيئا من حبه, ومن عطفه وحنانه, ومن قلبه المملوء بالرقة وبالإشفاق علي جميع الناس.
ولذلك قيل عنه انه كان يجول يصنع خيرا. يري المرضي فيشفيهم, والجياع فيطعمهم, والمأسورين من الشياطين فيخرجها منهم, كان يريح الكل, لأنه يحب الكل.... فمثلا يمر علي مريض بيت حسدا, المشلول الراقد الي جوار البركة38 سنة لا يهتم به أحد, فيتحنن عليه, ويقول له قم أحمل سريرك وإمش فيقوم ويمشي.. أو يري أرملة نايين وهي تبكي علي ابنها وحيدها الزعامات, فيتحنن عليها ويقيم ذلك الإبن ويدفعه إلي أمه.
** وكان في محبته يهتم بكل المحتاجين. ويقول للمهتمين بهم كنت جوعانا فأطعمتموني, عطشانا فسقيتموني, عريانا فكسوتموني, مريضا فزرتموني, غريبا فآويتموني, محبوسا فأتيتم الي. وإذ يسألونه متي يارب رأيناك هكذا؟. فيجيبهم الحق أقول لكم لا مهما فعلتموه بأحد أخوتي هؤلاء الأصاغر, فبي قد فعلتم. وهكذا فإنه لما رأي الجموع تحن عليهم, إذ كانوا
منزعجين ومنطرحين كغنم لا راعي لها.
والسيد المسيح في محبته للكل, فاضت محبته أيضا علي الجماعات التي كانت مستبعدة من اليهود فلا يتعامل معها. مثل السامريين الذين كانوا اذا وقع ظل واحد منهم علي يهودي, ينجسه! هؤلاء أشفق عليهم السيد المسيح. وقال لليهود مثل السامري الصالح الذي كان نبيلا أكثر من الكاهن واللاوي وأشفق علي يهودي ملقي في الطريق جريحا بين حي وميت.. وليس هذا فقط, بل زار السيد المسيح مدينة السامرة, وظل بأهلها حتي آمنوا.
ونفس الأمر مع الأمم المحتقرين من اليهود, إذ قال عن قائد أممي لم أجد في إسرائيل كله
إيمانا مثل إيمان هذا الرجل
* ومن اهتمام السيد المسيح بوصية المحبة,قال إنها الأولي في الناموس( أي في الشريعة) اذ تحب الرب الهك من كل قلبك, وتحب قريبك كنفسك.
وتعني كلمة قريبك كل انسان. لأن كل البشر أقرباء, إذ أنهم جميعا أبناء لأب واحد هو آدم, لأم واحدة هي حواء.
** ووصلت قمة الدعوة إلي المحبة عند السيد المسيح الي أنه قال أحبوا أعداءكم, باركوا لاعنيكم, أحسنوا الي مبغضيكم, وصلوا لأجل الذين يسيئون اليكم ويبغضونكم وإن سأل أحد قائلا: ماذا أفعل إن لم أستطع أن أحب عدوي؟ فيكون الجواب: علي الأقل إنك لا تكرهه, ولا تحمل له حقدا في قلبك. بل بالحري تسامحه, وتغفر له, وتصلي لأجله..
** ومن اهتمام المسيح بالمحبة, أنه قال ان الله محبة. وقال أيضا هكذا أحب الله العالم أي أنه يحب الكل: يحب القريبين منه بسبب برهم. ويحب أيضا المبتعدين عنه, لكيما بحبه يجذبهم اليه. وذلك لأنه لا يشاء هلاك الخاطيء, مثلما أن يرجع ويحيا.. ولأنه لا يعاملنا بحسب خطايانا, بل بحسب رحمته.
** ونحن أيضا نحب الله, الذي أوجدنا إذ لم نكن, والذي يرعانا ويحفظنا, ولا نستطيع أن نحصي كل احساناته الينا. كما أنه قدم لنا أمثولة عملية في كل فضيلة الي اكتسابها. الهنا الغفور الطيب.
وفي محبتنا لله, نطيعه ولا نخطيء اليه ولا الي أي واحد من رعيته. بل نحاول في كل وقت أن ننفذ مشيئته الالهية في حدود إمكانياتنا, وأن نفعل في كل حين ما يرضيه.
** وفي نطاق وصية الحب, علمنا السيد المسيح أن نحب الخير, ونحب الغير. ويقول لنا الكتاب إن كنت لا تحب أخاك الذي تراه, فكيف إذن تحب الله الذي لا تراه؟! ـ إذن فعدم محبتنا للناس, تعني ضمنا عدم محبة لله الذي خلقهم والذي يهتم بهم جميعا..
** والمفروض أن تكون محبتنا للغير محبة عملية, فالكتاب يقول لا نحب بالكلام أو باللسان, بل بالعمل والحق. وأن تكون أيضا محبة صادقة حقيقية, لا رياء فيها. ولا مظهرية. وأن تكون محبة دائمة, لاتبدأ حينا ثم تختفي. لأن السيد المسيح يعاتب من يفعل هذا قائلا له عندي عليك انك تركت محبتك الأولي. ويجب أيضا أن تكون محبة للجميع, وإلا صارت لونا من التحيز. وأن نحب فيها الغرباء كما نحب الأقرباء.
** ويعلمنا الكتاب أيضا أن المحبة بطبيعتها تكون بعيدة عن الحقد والإيذاء, وأن المحبة تحتمل, ولا تطلب ما لنفسها, بل ما للغير. والمحبة أيضا تظهر في العطاء الذي يصل في قمته إلي البذل, بل الي حق بذل الذات لأجل الغير.
** ليتنا نعيش في هذا الحب الذي علمنا المسيح أياه. فنحب بعضنا بعضنا, ونحب هذا الوطن العزيز الذي نعيش فيه ويعيش فينا, ونطلب له السلام من جميع الأعداء المتربصين بنا.
إن مصر تستحق كل بركة وقد باركها الرب في سفر أشعياء النبي حينما قال مبارك شعبي مصر.
** وبهذه المناسبة نشكر سيادة الرئيس مبارك الذي عزانا, والذي هنأنا بالعيد, وبهذا العام الجديد. ونرجو له ولبلدنا كل خير
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق